شعر أحد الأثرياء بضيق شديد يجتاح نفسه، فقد خنقته الهموم بالرغم من غناه الفاحش.
انطلق من قصره الذي تحيط به عشرات الأفدنة، وقد استأجر بعض العمال لحفر بركة وإقامة بعض القنوات ليحول هذه الأفدنة إلى حدائق تحوط بقصره من كل جانب.
سمع الثري صوت أحد العمال وهو يغني، فوقف من بعيد ينصت إليه، فسمعه يقول:
" أبي غني بقصوره الذي أعدها لي ولأسرتي،
سخي في العطاء، يعطي مجانًا ولا يعيِّر،
كل غنى العالم في يديه،
مخازنه مملوءة حجارة كريمة ولآلئ ثمينة،
مع ذهب وفضة وكل ما هو نفيس.
إنني بالحق ابن الملك، ابن الملك العظيم.
مخلصي يسوع يُعد لي ميراثًا ومجدًا!
حقًا من هو أسعد مني؟!
من هو أغنى مني؟!"
اهتزت أعماق الرجل الثري البائس أمام كلمات هذا العامل الذي يحفر القناة التي تخرج من قلبٍ متهللٍ بالروح.
اقترب الثري من العامل، وإذ حيًاه قال له:
" لماذا تغني بكلمات بلا معنى يا تيمو،
بل هو حق أعيشه وألمسه مع كل نسمة من نسمات حياتي.
اللَّه هو أبي، ويعطيني الكثير، فأنا أغني له.
كوخي صغير يقع في طرف المدينة لكنني سعيد به.
إذ أنتهي من يوم عملي اذهب إلي كوخي فأجد زوجتي وأولادي ينتظرونني ويقَّبلونني،
وأنا احتضنهم وأقَّبلهم.
نجلس معًا ونصلي ونشكر اللَّه ثم نأكل بفرحٍ،
فلماذا لا أغني لإلهي الغني؟!"
تنهد الثري في أعماقه وهو يقول في نفسه:
"حقًا إنه عامل بسيط وفقير،
لكنه غني بإلهه الذي يملأ قلبه وقلوب أسرته بالحب.
أما أنا فثري، لي قصور وأراضي وحقول... لكنني فقير.
أسرته يفرحون به ويتهللون،
أما أنا فيترقبون ما يرثونه من بعدي..."
تطلع الثري إلى العامل تيمو، وقال له: "يا تيمو، إنني أريد أن أقتني ما تقتنيه أنت".